قصة النسر الأليف قصيرة ممتعة للأطفال الصغار، قصص عالمية كاملة مكتوبة للأطفال، قصص قصيرة ممتعة للأطفال، كما يقدم لكم موقع ركني: ركن المعرفة، قصة جديدة قصيرة للأطفال قبل النوم، كما تجدون على موقعنا المزيد من القصص الرائعة عبر أقسام قصص المغامرات، قصص الأنبياء، قصص تربوية للأطفال، قصص قصيرة للأطفال، قصص إسلامية، قصص وعبر.
قصة النسر الأليف
ذات يوم كان رجل يسير في الطريق، وكان الجو ممطراً،
والعواصف تهبُّ بقوة، فأسرع الرجل الخطى عائداً إلى بيته، فرأى نسراً صغيراً يرقد
على الأرض، وقد تبلّل جسمه من المطر، وأخذ يرتجف من البرد، وكلّما فرد جناحيه
محاولا الطّيران سقط على الأرض، فحزن الرّجل من أجل النسر، وقال في نفسه: لو تركت
هذا النسر الصّغير هنا، فسوف يموت من البرد، وإذا أخذته معي، فكيف أربّيه؟! وكان
للرجل حظيرة دواجن بجانب لبيته، فقال: أخذ هذا النسر، وأضعه مع الدّواجن في الحظيرة،
فهو نسر صغير، ولن يؤذي دواجني. سوف يتعلم أن يأكل مثل الدّواجن، ويحيى مثلها في الحظيرة،
حتى يكبر ويشتد.
حمل الرّجل النسر الصّغير، ووضعه مع الدّواجن في المزرعة،
وبمرور الأيام والشهور تعلم النسر الصغير أن يلتقط الحب بمنقاره مثل الدواجن،
وتعلم أيضا أن ينبش الأرض بمخالبه، ويستخرج الدود والحشرات من الأرض، مثل الدواجن،
وعاش النسر حياة الدّواجن، حتى كبر، لكنه لم يفكر يوما في الطّيران، تاركا الحظيرة،
وقد تعود صاحب الحظيرة ذلك من النّسر، فلم يكن يدهش مما يراه.
سأل عالم الرجل كيف يعيش هذا النسر مع الدواجن، ويحيى مثلها؟!
فضحك الرجل، وقال: إن هذا النسر له قصة غريبة،
فقال له العالم: أريد أن أعرفها؟
سرد عليه الرّجل الحكاية من البداية إلى النّهاية.
فقال العالم: حكاية غريبة، أغرب من الخيال.
فقال الرجل: لقد علمت أنه بمرور الوقت سيكون في مقدور
النسر أن يتطبّع بطبع الدواجن.
فقال العالم: لا يمكن أن أغفل هذا الأمر.
فقال الرجل: لماذا.!
فقال العالم: لأن الطبع يغلب التطبع.
فقال الرجل: لقد أثبتت هذه التجربة أن التطبع يغلب الطبع.
فقال العالم: هل تسمح لي بأخذ هذا النسر؟
فقال الرجل: لماذا؟!
فقال العالم: سأحاول أن أجعله يطير، فربما عاد لأصله.
فضحك الرجل، وقال: محال أن يعود لأصله وطبعه، بعد هذه
السنوات.
فقال العالم: لن تخسر شيئا، إذا جربنا.
فقال الرجل: ولا مانع أن تأخد النسر، وإن كنت واثقا ، أنه
قد راقت له هذه الحياة، واستسلم لها وجرى العالم إلى حظيرة الدواجن ، فمال على
النسر وحمله بين يديه، وسار به ، فأخذ النسر يرتعش من الخوف.
وصل العالم بالنسر إلى هضبة مرتفعة، والرجل يتبعه، فقال للنسر:
أنت ملك الطيور، وأكثرها تحليقاً وارتفاعاً في الفضاء، كيف تقبل أن تضع رأسك في
طين الأرض؟! هيّا افرد جناحيك، واضرب بهما الهواء، هيا ارتفع إلى أعلى حيث مكانك
الطّبيعي فوق القمم.
دفع العالم النسر إلى أعلى بقوة، فوقع النسر على الأرض،
وارتطم بها بقوة، فضحك الرجل، وقال للعالم: ألم أقل لك إنه لم يعد صالحا للطيران، لأنه
لم يعد نسراً، بل صار دجاجة.
فقال العالم:
سأحاول مرة أخرى. ولم يكد العالم يتم جملته، حتى رأي النسر يجري نحو الحظيرة، ويقف
مع الدواجن مستسلما لحياته التي تعودها منذ صغره. فذهب العالم إليه وأحضره مرة أخرى.
وفي هذه المرة حمل العالم النسر، وسار به بعيداً، حتى وجد
جبلاً مرتفعاً، فأخذ يتسلق صاعداً بالنسر وكلما تعب جلس ليستريح قليلا، وصاحب
الحظيرة يتبعه، وبعد جهد شاق وصل العالم إلى قمة الجبل، فقال مخاطباً النسر: إنّ
مكانك الطبيعي هنا، فوق هذه القمة الشامخة، وليس على الأرض مثل الدجاج، ثم رفع
النسر عاليا موجها رأسه نحو الشمس التي كانت تميل للغروب، وقال له: هيا أيها النسر
الشجاع، افرد جناحيك، وارتفع في السماء، حيث كنت بين النسور، وليس بين الدجاج.
وبدل أن يرتفع النسر في السماء كما أمره العالم انهار جناحاه،
وارتعش من الخوف، ونظر إلى العالم، بينما عيناه مليئتان بالدموع ثم قال: لا أستطيع،
فتأثر العالم من منظر النسر الكسير، وضمه إلى صدره، مشفقا عليه، ثم رفعه عاليا،
وقال: لا تقبل أن تجعل رأسك في الطين، ووجه النسر في اتجاه الشمس، قائلا: هذه
فرصتك الأخيرة، فلا تضيعها، هيا حلق نحو الشمس، التي طالما أحببتها، وتمنّيت أن
تحلق في اتجاهها، ولشدّة دهشة العالم، رأى النسر يحرك جناحيه ضارباً بهما الهواء
بقوة.
وفي لوحة من أجمل اللّوحات، ومنظر من أبدع المناظر طار
النسر عاليا في الفضاء، ومتجها بكل قوته نحو قرص الشمس، صانعاً صورة من أروع صور
الطبيعة، صورة الحياة وهي تعود إلى أصلها متحررة من الطين، طار النسر وسط فرحة
العالم، ودهشة صاحب الحظيرة الممزوجة بالإعجاب الشديد، وهذه القصة تقال لأولئك
الذين لا يستسلمون لمصائرهم، أو يركنون إلى الطين، طالما أن الله تعالى قد منحهم
المواهب التي تمكنهم من التحليق في الفضاء، مهما كانت الصعاب والعقبات.
إقرأ أيضا: